نجح المتسللون الصينيون في اختراق أنظمة تكنولوجيا المعلومات في الجامعة الوطنية الأسترالية ANU الواقع مقرها في العاصمة الأسترالية كانبيرا، الأمر الذي من شأنه أن يهدد الأمن القومي الأسترالي ويعرضه للخطر، وذلك تبعًا إلى قيام الجامعة الوطنية الأسترالية بإجراء بحوث تتعلق بتطبيقات دفاعية واستراتيجية وتجارية، ويتعاون مسؤولو الأمن السيبراني في الحكومة الفيدرالية مع الجامعة منذ اكتشاف الهجوم السيبراني من أجل تقييم حجم المعلومات المسروقة.

وقالت مصادر أمنية وطنية إنه يشتبه برعاية الحكومة الصينية لهذا الهجوم عبر الإنترنت، لكن إثبات ذلك قد يكون صعبًا، لأن المتسللين عادة ما يحاولون إخفاء تحركاتهم، ومع ذلك، فقد أكد مسؤولو الحكومة الفيدرالية أن الهجوم عبر الإنترنت قد تم إطلاقه من الصين وأن شبكة حواسيب الجامعة الوطنية الأسترالية، والتي تعتبر المؤسسة الأسترالية ذات الترتيب الأعلى ضمن تصنيف شركة Quacquarelli Symonds السنوي للجامعات في العالم، تعرضت لخطر كبير.

وقال مسؤول في الأمن القومي: “يمكننا أن نفترض أن هذا التسلل الإلكتروني قد تضمن سرقة معلومات، والسؤال الأهم هو ما الذي تم الحصول عليه وما مدى حساسيته”، وأكمل كلامه قائلًا: “إن ضمان حماية موظفي الجامعة ومسؤولي الأمن الإلكتروني يهدف أيضًا إلى حماية أنظمة الحاسب الخاصة بالجامعة الوطنية الأسترالية ضد الهجمات المستقبلية”.

وتستضيف الجامعة الوطنية الأسترالية كلية الأمن القومي، والتي تعمل على تدريب مسئولي الدفاع والمخابرات الأستراليين وعادًة ما تستضيف اجتماعات بين كبار مسؤولي الأمن القومي في غرفة آمنة يجري تأمينها بشكل منتظم من قبل منظمة الاستخبارات الأمنية الأسترالية ASIO، وأكدت متحدثة باسم الجامعة حدوث الاختراق قائلة إن الجامعة كانت تعمل على احتواء تهديدات تكنولوجيا المعلومات داخل الجامعة.

وقالت المتحدثة باسم الجامعة: “عملت الجامعة بالشراكة مع الوكالات الحكومية الأسترالية لعدة أشهر من أجل تقليل تأثير هذه التهديدات، ونستمر في السعي للحصول على المشورة من الهيئات الحكومية الأسترالية، وتشير التقديرات الحالية إلى عدم وجود سرقة لمعلومات بحثية أو معلومات خاصة بالموظفين أو الطلاب، ويجري اتخاذ تدابير مضادة”.

وقال أليكس جوسكي Alex Joske، الباحث في مركز السياسة الدولية التابع لمعهد السياسة الاستراتيجية الاسترالي إن الهجوم عبر الانترنت كان بمثابة دعوة للاستيقاظ، وأضاف “تشارك الجامعة الوطنية الأسترالية في مشاريع حكومية أسترالية مهمة، وربما كان هذا الاختراق يهدف إلى سرقة المعلومات لتحقيق مكاسب تجارية أو لتحقيق مكاسب استراتيجية أو تكنولوجية للجيش الصيني، وكان هناك نقص في الحذر من جانب الجامعات الأسترالية في تعاملها مع الصين، وتحتاج الجامعات الأسترالية إلى مواصلة العمل عن كثب مع الحكومة الأسترالية بشأن سياسة الإنترنت”.

ويثير هذا الهجوم تساؤلات حول التزام الصين باتفاقية أبرمتها بكين مع حكومة مالكولم تيرنبول Malcolm Turnbull في شهر أبريل/نيسان من العام الماضي، حيث وعد البلدان بعدم اختراق بعضهما البعض لأغراض سرقة الملكية الفكرية أو الأسرار التجارية أو المعلومات السرية.

ويتضمن الاتفاق، الذي تم توقيعه بعد أن قام رئيس الوزراء الأسترالي بالحديث حول الموضوع بشكل مباشر مع رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ Li Keqiang، آلية لرفع القضايا والحوادث التي قد تسبب مشاكل بين البلدين.

وكانت حكومة مالكولم تيرنبول تدرس دور الوكالات الحكومية مثل مديرية الإشارات الأسترالية في حماية البنية التحتية الحيوية في البلاد. بشكل يشابه ما يقوم به مركز الأمن القومي البريطاني في المملكة المتحدة، والذي يلعب دورًا فعالًا في عرقلة الهجمات السيبرانية على المنظمات الواقعة خارج الحكومة البريطانية.

وتم في عام 2015 الكشف عن أن المتسللين المدعومين من قبل حكومات أجنبية قد تسللوا إلى نظام تكنولوجيا المعلومات في مكتب الأرصاد الجوية الأسترالي باستخدام برامج ضارة، مما أدى إلى سرقة المعلومات واحتمال تعرض أنظمة الحاسب في الوكالات الحكومية الأخرى للخطر، وألقى الخبراء باللوم على الصين فيما يتعلق بهذا الهجوم.

وأوضح بيان صادر عن أنجوس تايلور Angus Taylor، وزير إنفاذ القانون والأمن الإلكتروني الأسترالي إن مركز الأمن السيبراني الأسترالي كان يعمل مع الجامعة لعدة أشهر من أجل تقديم الدعم في هذا الشأن، وتدين الحكومة الأسترالية أي نشاط ضار يستهدف الأستراليين والشبكات الأسترالية، ونحن نعلم أن الدول القومية والجماعات الإجرامية تستهدف بنشاط مؤسسات البحث لسرقة الملكية الفكرية للأستراليين.

وقال السيد تايلور: “النشاط الإلكتروني الخبيث ضد المصالح الوطنية الأسترالية، سواء من العصابات الإجرامية أو الدول الأجنبية، يزداد من حيث التواتر والتطور والحدة، والأولوية القصوى للحكومة الأسترالية هي ضمان سلامة الأستراليين وبقاء مصالحنا آمنة”.

وكانت هناك دعوات من خبراء الأمن السيبراني الأستراليين للحكومة الأسترالية في شهر أكتوبر/تشرين الأول من أجل تحديد البلدان المسؤولة عن القراصنة المدعومين من قبل الحكومات الأجنبية بعد حدوث اختراق كبير لمتعاقد مع وزارة الدفاع، حيث تم سرقة 30 جيجابايت من البيانات غير السرية لكنها حساسة من الناحية التجارية من قبل المتسللين، وتضمنت البيانات معلومات حول برنامج Strike Fighter، والذي تبلغ تكلفته 14 مليار دولار، ومسؤول عن التطورات المستقبلية لأسطول أستراليا من طائرات التجسس وعدد من السفن الحربية التابعة لها.