صعدت روسيا هذا الأسبوع حربها ضد الحفاظ على الخصوصية وإخفاء الهوية، إذ بعد بعد محاولتها في شهر أبريل/نيسان الماضي حظر خدمة التراسل الفوري تيليجرام Telegram، فقد أمرت محكمة في موسكو من شركة برنامج التراسل المشفر دفع 800 ألف روبل، أي حوالي 12 ألف دولار أمريكي بسبب عدم تسليمها معلومات المستخدمين، بينما وقع رئيس الوزارء ديمتري ميدفيديف Dmitry Medvedev على مرسوم جديد يجبر مشغلي شبكات الهواتف المحمولة على التحقق وتحديد كل تطبيقات التراسل التي يستخدمها عملاؤهم.

ويتعين على موفري خدمات التراسل الاتصال بمشغلي شبكات الهواتف المحمولة في كل مرة يشترك فيها مستخدم هاتف محمول روسي ضمن خدمة تراسل جديدة للتأكد والتحقق من رقم هاتف المستخدم، مع الإشارة إلى امتلاك مشغلي شبكات الهواتف المحمولة 20 دقيقة فقط للقيام بذلك، وإذا لم يتمكنوا من التحقق من رقم الهاتف، فإنه ينبغي على خدمة التراسل حظر المستخدم.

ويوضح المرسوم أنه في حال قام العميل بتغيير مشغل الهاتف المحمول، فسوف يضطر إلى إجراء كامل عملية التحقق من الهوية والرقم الهاتفي من جديد، وبحسب التفسيرات الرسمية فإن هذه الخطوات تأتي بسبب استخدام المجرمين والإرهابيين لخدمات التراسل المشفرة، والتي تحافظ بدورها على إخفاء هوية المستخدم، الأمر الذي يشكل عبئًا إضافيًا على مشغلي شبكات الهواتف المحمولة في روسيا، ولكن نظرًا إلى أن السلطات تطلب تخزين بيانات المستخدمين محليًا، فقد أفاد معظمهم أن أنظمة التحقق اللازمة ستكون سهلة التنفيذ.

ويبدو أن شركات الاتصالات لا تعارض مثل هذه التحركات على أمل أن تحد من استخدام مثل تلك الخدمات والتطبيقات بعد أن تسببت لها بانخفاض كبير في الأرباح، إذ يعد تطبيق واتساب المملوك لشركة فيسبوك تطبيق التراسل الأكثر شيوعًا في روسيا، يليه فايبر Viber وسكايب Skype، وذلك استنادًا إلى معلومات عام 2016، مع وجود بعض التقارير التي تضع استخدام واتساب بين مالكي الهواتف المحمولة في حدود 70 في المئة.

بينما لا تزال تطبيقات التراسل الأقل شهرة التي تخفي هوية المستخدم مثل Zangi و Signal تحاول الانطلاق في روسيا، وقال ألكساندر زاروف Alexander Zharov، رئيس هيئة الرقابة على الاتصالات في روسيا روسكومندزور Roskomnadzor، في حديثه للصحافة الروسية، إن حظر إخفاء الهوية كان خطوة ضرورية نحو خلق بيئة اتصال آمنة للمواطنين والدولة ككل.

وأصبحت مسألة المحافظة على إخفاء الهوية عند استخدام الاتصالات الهاتفية وتطبيقات التراسل أمرًا صعبًا في باقي أنحاء العالم أيضًا، إذ يختار المزيد من بلدان الاتحاد الأوروبي التسجيل الإلزامي لبطاقات الاتصال SIM المدفوعة مقدمًا مثل بلجيكا وفرنسا وإسبانيا واليونان، ويبدو أن الأمر مسألة وقت فقط قبل اقتراح قوانين على مستوى الاتحاد الأوروبي.

ولا توجد أدلة ملموسة على أن التسجيل الإلزامي لبطاقات الاتصال SIM المدفوعة مقدمًا يؤدي إلى الحد من الجريمة، بل إنها تشجع السوق السوداء لبطاقات الاتصال SIM المسجلة عن طريق الاحتيال أو السرقة، وذلك وفقًا لاتحاد مشغلي وشركات الهواتف المحمولة GSMA، وعندما فرضت بولندا هذا الإجراء في عام 2016، اضطر وزير الشؤون الداخلية، ماريوس بلوزتشاك Mariusz Błaszczak، لتحذير الجمهور من أن الأشخاص الذين يبيعون تلك البطاقات قد يواجهوا عواقب قانونية في حال استخدام تلك البطاقات ضمن نشاط إجرامي.