إعادة تشغيل الكمبيوتر هي الخُطوة الاولى دائمًا في حل أي مشكلة تواجهها - مهما كانت صعوبتها، فعلى الأرجح ستكون فعّالة قبل خوض حلول أكثر تقدمًا. هذا الحل محفور في أذهاننا عميقًا لدرجة أنه أصبح رد فعل فوري، حتى الشخص الذي لا يتمتع بالدهاء التكنولوجي قد يقترح عليك إعادة تشغيل الكمبيوتر. بالرغم من أن معظمهم لا يعرفون حقيقة ما يحدث بالضبط خلف الكواليس؛ إلا أنه عادة بطريقة سحرية يستطيع التغلب على المشكلة المزعجة التي تعرقل استخدامك للجهاز. إذن ما الذي يحدث ؟ لماذا إعادة تشغيل الجهاز أو إعادة تشغيل برنامج يؤدي لإصلاح العديد من المشاكل ؟ دعونا نحاول تفسير السبب إنطلاقًا من سطور هذه المقالة.


ضع فى اعتبارك أن هذا الحل السحري لا ينطبق فقط على أجهزة كمبيوتر ويندوز - بل كل أنواع أجهزة الحوسبة بغض النظر عن نظام التشغيل. إذن ستجد نصيحة "قم بإعادة تشغيله" تنطبق على أجهزة الراوتر، والهواتف الذكية، والحواسيب اللوحية، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الأخرى. حتى أنها تنطبق أيضًا على البرامج، فمثلا إذا وجدت أن متصفح جوجل كروم يعمل بشكل بطيء ويستهلك الكثير من الرامات، حاول إغلاقه وإعادة فتحه وسيعمل بصورة طبيعية مرة أخرى رغم أن المتصفح لم يقترح عليك فعل شيئًا كهذا، إذن ما السبب ؟

دعنا نلقى نظرة على أحد الأشياء الرئيسية التي تتم عند إعادة تشغيل الأجهزة الإلكترونية وهو مسح البيانات المخزنة فى الرامات، هذا بالضبط هو السبب الفعلي وراء حل العديد من المشكلات التقنية. فمع أغلب أنظمة التشغيل حاليًا، كلما قمت بفتح العديد من البرامج وإغلاقها، كلما قمت بملئ الذاكرة العشوائية بالبيانات المخزنة مؤقتًا، حيث تفشل بعض البرامج في إفراغ الذاكرة بعد الانتهاء من استخدامها وهذه هي الطريقة التي يسير بها الأمر.

إذن، مع طول فترة التشغيل، يأتي على الذاكرة وقت تتعذر فيه عن تخزين أي بيانات جديدة، ويؤدي ذلك على الفور إلى حدوث مشكلة معروفة بأسم "تسرب الذاكرة" ينتج عنها حدوث بطء في الأداء وتهنيج وأنواع مختلفة من الأخطاء. وإذا زاد الأمر عن حده، قد يقوم هذا الجهاز بالإغلاق من تلقاء نفسه حتى إعادة تشغيله مرة أخرى ويعود للعمل بدون مشاكل. ما حدث هنا هو أن عملية إعادة التشغيل أدت إلى حذف كل البيانات المؤقتة من الذاكرة وأعطت لنظام التشغيل بداية جديدة، وبذلك، فإن الأمور تصبح أسرع.

لماذا تحتاج بعض المشاكل إلى إعادة التشغيل ؟



كما هو واضح من السطور السابقة، عملية إعادة التشغيل تؤدي إلى مسح البيانات المؤقتة من الرامات والذي بدوره يحل العديد من المشكلات المتعلقة بالأداء مثل البطء والتهنيج المستمر. ولكن أحيانًا تكون هناك مشكلات بعينها تحتاج إلى إعادة تشغيل حتى يتم حلها. دعنا نأخذ مثالًا على مشكلة شائعة ولكن كارثية على أجهزة ويندوز، ألا وهي "مشكلة الشاشة الزرقاء" حيث يتوقف النظام بشكل مفاجئ عن العمل نتيجة خطأ ما. من المُحتمل بسبب وجود مشكلة فى التعريفات الخاصة بإحدى قطع الكمبيوتر، أو عطل رئيسي في هذه القطع.

عمومًا، عند هذه النقطة، يدخل ويندوز في حالة لا يستطيع فيها سوى أن يتوقف عن العمل ويكون الخيار الوحيد أمامه هو إعادة التشغيل بصورة آلية على أمل ألا تواجه نفس المشكلة مرة اخرى. ولكن لماذا تطلب الحل إعادة تشغيل ؟ أو بمعني آخر.. لماذا لم يقم ويندوز بحل المشكلة فى صمت فى الخلفية ؟ ببساطة لأنه لا يمكن - إذا كانت المشكلة متعلقة بتلف تعريف كارت الشاشة على سبيل المثال، فهذا يعني أن كارت الشاشة نفسه توقف بالكامل، لذا فإن أسرع طريقة لجعله يعمل مرة أخرى هي إعادة التشغيل.

أعقد المشاكل التى يتم حلها بعملية Restart بسيطة !


كما لاحظت، هناك مشاكل بعينها تحتاج إلى إجراء عملية إعادة تشغيل حتى يتم محاولة حلها في حال كانت المشكلة متعلقة بخطأ برمجي في نظام التشغيل. ولكن قد تكون بعض المشكلات قابلة للحل دون الحاجة إلى فعل ذلك، بالرغم من أن إعادة التشغيل قد تكون الخيار الأسهل.

على سبيل المثال، معظم المُستخدمين بعد انتهاء عملهم على الكمبيوتر يميلون إلى إدخال الويندوز في وضع Sleep بدلًا من إغلاقه تمامًا عبر إختيار Shutdown من خيارات الطاقة. مما يعني ان الجهاز يظل يعمل لعدة أيام أو أسابيع وهو ما ينتج عنه حدوث استجابة بطيئة مع مرور الوقت، بشكل خاص عند تعددية المهام. هنا لن يحتاج الكمبيوتر سوى حذف البيانات المؤقتة التي خزنها نظام التشغيل فى الرامات، وبالتالي إعادة التشغيل هو الحل السريع والفعال في هذه الحالة لجعل الجهاز يعمل بصورة أسرع مرة أخرى. 

هناك عدة أسباب أخرى قد تتسبب في إبطاء الحاسوب بخلاف تركه يعمل لفترة طويلة مثل وجود بعض العمليات قيد التشغيل في الخلفية وتستهلك موارد الجهاز بكثافة. يمكنك فتح أداة Task Manager للتحقق من ذلك ومعرفة أي عملية تتسبب فى استنزاف الموارد إلى هذا الحد، وفي حين أنه من الممكن تعطيل هذه العمليات بعينها لحل المشكلة، لكن فى أغلب الأحيان يتطلب الأمر إعادة تشغيل حتى تتوقف هذه العمليات عن الاستمرار فى استهلاك الموارد وإستعادة الاداء المفقود.

نفس الفكرة تنطبق على البرامج، فمثلًا إذا كنت تتصفح الانترنت لفترة طويلة عبر برنامج جوجل كروم، سيؤدي ذلك إلى زيادة حجم البيانات المتراكمة على الرامات حتى تحدث مشكلة "تسرب الذاكرة" وبعدها لن تتمكن من الاستمرار فى التصفح إلا بعد إغلاق المتصفح وتشغيله مرة أخرى. هذا الحل ينطبق على أي برنامج تقريبًا لا يستجيب بمرور الوقت.

إذا كنت تواجه مشكلة متعلقة بالاتصال بالانترنت، فالحل المثالي في أغلب الأوقات هو إعادة تشغيل الراوتر، وقد ذكرنا السبب بشكل مفصل في موضوع [هل حقاً اعادة تشغيل الراوتر (اقفل الراوتر وافتحه) تساعد في حل مشاكل الانترنت ؟] حيث أن الراوتر مكون من معالج ورامات وذاكرة تخزين مثل الكمبيوتر، لذا فهو عرضة لحدوث المشاكل التقنية بين الحين والأخر.

إذن، يتبين لنا في جميع هذه السيناريوهات المذكورة أن عملية إعادة التشغيل تؤدي إلى مسح الحالة الحالية لنظام التشغيل أو البرنامج، وبالتالي أي شيء عالق ويعرقل عملية التشغيل سيتم التخلص منه عند إعادة التشغيل وسيبدأ الكمبيوتر من نقطة الصفر على أمل تجنب حدوث أي خطأ بعد ذلك.

إعادة التشغيل ليس حلًا لكافة المشاكل دائمًا


تستطيع عملية إعادة تشغيل بسيطة حل معظم المشاكل وليس جميعها كما يظن البعض، علاوة على ذلك، يكون هذا الحل فى الغالب حل مؤقت فقط وليس حل نهائي. فإذا كان الكمبيوتر يتطلب إعادة تشغيل بشكل متكرر للعمل بصورة طبيعية، هذا لا يمثل حل منطقي - بل شيء مثل "مسكنات الألم"، هذا يوضح أن هناك مشكلة كبيرة عليك العمل على حلها ومعرفة السبب ورائها بدلًا من إصلاحها مؤقتًا في كل مرة عن طريق إعادة التشغيل. على سبيل المثال، قد تحتاج إلى تغيير القرص الصلب الذي يحتوي على باد سيكتور، أو ترقية الرامات لأنها لم تعد تساعد بكفاءة فى تخزين الملفات مؤقتًا. إذن، ضع فى إعتبارك دائمًا أن إعادة التشغيل ليس كافيًا.

هل يوجد إختلاف بين "إعادة التشغيل" و "إعادة التعيين" ؟



كما يوحي الاسم، إعادة التشغيل تعني ببساطة إغلاق الجهاز وتشغيله مرة أخرى بشكل طبيعي. بينما إعادة التعيين تشير إلى إعادة ضبط الجهاز وإرجاع حالته الافتراضية للمصنع. في حالة كان هذا الجهاز هو راوتر، فيمكنك إعادة تعيينه بالضغط مطولًا على زر Reset الموجود فى الخلف حتى يتم إعادة تعيينه. عمومًا، كلا الحلين لهما يمكن تطبيقهما إعتمادًا على مدى صعوبة المشكلة. وكما وضحنا سابقًا، إعادة التشغيل يمكنها حل المشكلات الشائعة، ربما تكون المعقدة في بعض الأحيان ولكن غالبية المشاكل التي يمكن حلها بهذه الطريقة تصنف على أنها "مشاكل منخفضة المستوى".

بينما إعادة التعيين تقوم بإصلاح المشاكل عالية المستوى. على سبيل المثال، إذا كان حاسوبك لا يشتغل بشكل طبيعي بعد النقر على زر الطاقة في الكيسة او اللاب توب، فهناك إحتمال أن نسخة الويندوز بها مشكلة مثل تلف في ملفات النظام، أو هناك فيروس، وفي هذه الحالة "إعادة التعيين" يكون الحل المناسب والمتمثل في إعادة تثبيت ويندوز من جديد. فلا يمكن للمستخدم أن يعرف ببساطة سبب هذه المشكلة أو البحث عن الملف التالف واستبداله بآخر سليم أو تنظيف كل آثر الفيروسات، لذلك فإعادة التعيين هو حل أسهل وأسرع.



في الختام، إعادة تشغيل الكمبيوتر يؤدي إلى بدء مكونات الجهاز من جديد وهذا يساعد في معظم الأوقات على حل المشكلة التي تعاني منها من أول مرة، ولكن إذا لم يفلح ذلك، فيكون إعادة التعيين هو الحل الأخير.