يبتكر الباحثون في مختبرات الأبحاث العالمية أساليب وطرق جديدة لمراقبتك أكثر خرقًا للخصوصية، حيث يجري تطوير الليزر الذي يكتشف نبضات القلب والميكروبيوم، مما يجعل تقنية المراقبة القائمة على التعرف على الوجه مجرد بداية.
ومن الممكن – في حال جرى وضع قوانين صارمة للتحكم في استخدام تقنية التعرف على الوجه -أن نرى أشكال جديدة من تقنيات المراقبة يجري تطويرها حاليًا، والتي تُعد أكثر تغلغلًا من تقنية التعرف على الوجه، وأصعب من حيث التنظيم.
وفيما يلي نظرة على بعض تلك الطرق.
طريقة المشي:
يعتمد مجال القياسات الحيوية سريع النمو على التعرف على الأفراد من أنماط حركتهم أو سلوكهم، وأحد الأمثلة على ذلك هو التعرف على طريقة المشي، والتي قد تكون تقنية المراقبة التالية.
وتختبر الشرطة الصينية هذه التقنية، التي تتصدر المجال في كثير من الأحيان عندما يتعلق الأمر بإيجاد طرق جديدة لمراقبة الأفراد.
وهناك عدة طرق مختلفة للتعرف على الفرد من طريقة المشي، حيث تعتمد الطريقة المُختبرة من قبل الشرطة الصينية على تقنية من شركة تدعى واتريكس Watrix، والتي تستخدم لقطات فيديو من كاميرات المراقبة لتحليل حركات الشخص أثناء سيره.
وتعتمد واتريكس على شبكة عصبونية عميقة لتدريب نظام ذكاء اصطناعى قادر على تحليل الآلاف من نقاط البيانات عن الشخص أثناء انتقاله، واستخدمها للتعرف على الأفراد بناءً على سجل طريقة المشي الخاصة بهم.
ويمكن استخدام الطرق المعتمدة على الرؤية الحاسوبية للتعرف على طريقة المشي، مما قد يجعلها بديلاً سريعًا وسهلاً في حال فرض قيود على التعرف على الوجه، كما أن هناك طريقة أخرى لتحديد الأشخاص من خلال طريقة المشي تعتمد على أجهزة الاستشعار المدمجة في الأرض.
نبضات القلب:
بالنظر إلى أن دقات القلب ونمط التنفس فريدان مثل البصمة، فإن العلماء يطورون عددًا متزايدًا من تقنيات الاستشعار عن بُعد لاكتشاف العلامات الحيوية من مسافة بعيدة، والتي تخترق الجلد والملابس، وحتى في بعض الحالات الجدران.
وأعلن البنتاغون في شهر يونيو عن تطويره نظامًا جديدًا قائمًا على الليزر قادرًا على تحديد هوية الأشخاص على مسافة تصل إلى 200 متر، ويستخدم هذا النظام، المسمى (Jetson)، تكنولوجيا تُعرف باسم (Laser Doppler vibrometer) للكشف عن الحركة السطحية التي تسببها دقات القلب.
ويهدف النظام إلى أن يكون قادرًا على تحديد هدف في غضون خمس ثوان بناءً على إشارة القلب، لكن لديه في الوقت الحالي عدد من القيود، بحيث يجب أن يكون الهدف ثابتًا، وأن يرتدي ملابس خفيفة، وأن يكون هناك خط نظر واضح بين الليزر والهدف.
ومع ذلك، فإن المعاطف والجدران والصخور والجدران لا تشكل عقبة أمام تكنولوجيا المراقبة الناشئة، ويعمل الباحثون على تطوير أنظمة تعتمد على الرادار وقادرة على تتبع العلامات الحيوية لمجموعة من الأغراض.
مراقبة الحركات الداخلية:
طورت مجموعة من الباحثين في جامعة كاليفورنيا في عام 2018 تطبيقًا سمح لهم باكتشاف الموقع الدقيق لمُرسلات الشبكة اللاسلكية الحالية في المبنى، وتمكنوا – باستخدام هذه المعلومات – من استخدام الهواتف الذكية العادية والشبكات اللاسلكية المحيطة الموجودة لاكتشاف الوجود البشري والحركة من خارج الغرفة.
ويمكن مستقبلًا استخدام الشبكة اللاسلكية لتحديد مواقع الأفراد وتحديد مكانهم في الغرفة وما إذا كانوا جالسين أو واقفين، وحتى تعقب العلامات الحيوية، مثل دقات القلب؛ والتنفس.
وتحاول بعض المجموعات البحثية الذهاب أبعد من مجرد استخدام الشبكة اللاسلكية لتحديد هوية الأشخاص، إذ يزعمون – استنادًا إلى الحركة والعلامات الحيوية – إمكانية مراقبة الحالة العاطفية للشخص وتحليل أنماط سلوكه.
تتبع الخلايا الميكروبية:
ينبعث من كل شخص نحو 36 مليون خلية ميكروبية في الساعة، والميكروبات البشرية فريدة من نوعها لفترة معينة من الزمن، حيث وجدت دراسة أجريت عام 2015 أنه يمكن إعادة التعرف على زهاء 80 في المئة من الناس باستخدام البصمة الميكروبيومية الخاصة بهم حتى عام لاحق.
ويعني هذا أن المسار الثابت للآثار الميكروبية التي نتركها وراءنا، وكذلك الآثار التي نلتقطها من محيطنا، يمكن استخدامها للمساعدة في إعادة بناء صورة لأنشطة وحركات الشخص، مثل المكان الذي مشى فيه؛ والأشياء التي لمسها؛ والبيئات التي تواجد فيها.
مراقبة الرائحة:
تُعد تقنية التعرف على الأشخاص من خلال الرائحة أحد أقدم أنواع تقنيات التعرف، لكن القيام بذلك باستخدام أجهزة الحاسب ما يزال في مراحله الأولى مقارنةً بتقنيات التعرف على الوجه أو بصمات الأصابع، ويفيد مجال القياسات الحيوية للرائحة في المصادقة الفردية، لكنه ليس مناسبًا للمراقبة الجماعية، وقد يكون التعرف الدقيق على الشخص الذي يصدر رائحة معينة ضمن الحشود أمرًا صعبًا.
كشف المتسكعين:
هناك تقنيات تحديد هوية مصممة لحالات استخدام محددة للغاية، حيث استند أحد الاقتراحات من فريق من الباحثين اليابانيين من أجل تطوير نظام مضاد لسرقة السيارات على استخدام أجهزة استشعار 360 درجة لقياس الشكل الفريد للجزء الخلفي للسائق، وبالرغم من تحقيق نسبة دقة تصل إلى 98 في المئة في التجارب، فإن هذا الابتكار الأمني لا يبدو أنه ذهب أبعد من الاختبارات المعملية.