من أكثر الأشياء التي تلفت الانتباه أثناء شراء شاشة تلفاز جديدة هي تقنية لوحة عرض OLED، وعلى الرغم من ارتفاع أسعار هذه التلفزيونات بشكل جنوني مما يجعلها بعيدة المنال عن معظمنا إلا أننا سنتساءل حتماً ما هو دورها وما هي الفائدة التي تعود علينا من امتلاكها ولماذا تأتي في الأساس بهذه التكاليف الباهظة. أما إذا كنت تخطط لشراء إحدى هذه التلفزيونات فحينها لديك الحق الكامل في معرفة أين تنفق أموالك بالضبط والتأكد من أنها تستحق فعلاً هذه التكاليف التي تُنفق عليها.
أما إذا كانت شاشات OLED مألوفة بالنسبة لك. خاصة وأنها موجودة بالفعل على بعض الهواتف الذكية الرائدة، فبالتأكيد وأنك سمعت عن مشكلة حرق الشاشة التي تتعرض لها، هذه المشكلة باللغة الإنجليزية هي "Burn-In" و نطلق عليها باللغة العربية "الحرق أو التطبيع أو الصورة الشبحية"..ولديها العديد من المسميات الأخرى التي تندرج جميعها تحت وصف واحد يفسر المشكلة التي تكمن في معاناة البكسلات للحرق نتيجة التعرض المستمر لعرض صورة واحدة لفترات زمنية طويلة.
ولذلك دعونا ننتقل معكم للتحدث في كافة التفاصيل التي نعرفها عن هذا النوع من الشاشات ونوضح لكم لماذا لا يفضل بعض المستخدمين شراؤها حتى ولو كانت لديهم الميزانية الكافية. ولكن إذا كنت تتجول الآن في بعض المتاجر باحثاً عن شاشة تلفاز سمارت جديدة فستحتاج إلى دليل سريع يساعدك على اتخاذ القرار الصحيح في عملية الشراء.
نظرة خاطفة على سوق شاشات تلفاز OLED
إن OLED تُمثل اختصار لأربعة كلمات والتي تعني "الصمامات الثنائية العضوية الباعثة للضوء" (Organic Light Emitting Diodes) وتأتي فقط في شاشات التلافز غالية الثمن الموجهة للفئة العليا من المستخدمين والطبقة الغنية. ولكن OLED لا تقتصر على شاشات التلفاز فقط، فتجد بعض الهواتف الرائدة التي بدأت بالفعل في استخدامها وهناك بعض منصات عرض المحتوى جنباً إلى جنب مع بعض أجهزة الحواسيب المحمولة الموجهة للأعمال الاحترافية وصناعة المحتوى.
بفضل وجود تكنولوجيا OLED استطاع عالم شاشات العرض أن يقدم صور عالية الجودة بنقاء ألوان على أعلى درجة من الشفافية والوضوح وبمعدلات سطوع مرئية بشكل أفضل مع درجات أكثر دقة في نسب التباين. حتى الآن لا يوجد الكثير من شركات التصنيع التي لديها القدرة على تطوير وتحمل تكاليف هذا النوع من شاشات العرض.
ولذلك ستجد فقط العلامات التجارية الرائدة هي التي تتمتع بالتحكم والسيطرة على هذا السوق ولديهم الأحقية في تحديد متى وكيف وما هي نسبة الإنتاج الكمي التي ينبغي أن تطلق لسوق شاشات التلافز الذكية بتقنية OLED، تتربع على عرش هذا السوق شركات مثل LG و Panasonic، وقد لحقت بهم شركات أخرى مثل Sony و Philips. بينما تعتمد بعض الشركات الأخرى على الحلول البديلة مثل شركة Samsung وتمسكها بتقنية QLED أو "Quantum dots".
السبب الرئيسي في شحيح سوق التلفزيونات من شاشات OLED هو صعوبة تطوير هذا النوع من شاشات العرض والعبء المالي الضخم الذي لابد أن تتحمله الشركات من أجل تطويرها والنفقات الرهيبة التي ستقع على المستهلك وحده في النهاية. لهذا السبب تنظر بعض شركات التصنيع إلى هذا النوع من التقنيات على كونها غير موجودة من الأساس لدرجة أن بعض الخبراء وصفو سوقها بالسوق الفاشل الذي تسبب في خسارة بعض الشركات نتيجة النمو الضعيف بالأرباح.
من ناحية أخرى تنظر شركة LG للأمر بشكل مختلف، وتستثمر مليارات الدولارات في صناعة شاشات OLED، وعلى الرغم من بنائها لمصانع جديدة تتولى خطوط إنتاج هذا النوع من الشاشات لتقليل النفقات المالية إلا أن النتيجة كانت واحدة، وأنتجت شاشات تلفاز OLED بأسعار تتخطى أسعار السيارات.
ما الذي يميز شاشات تلفاز OLED عن باقي الشاشات الأخرى
السؤال الوحيد الذي يساور ذهن المستهلك العادي أثناء تجوله في متاجر التلفزيونات هو "هل حقاً تستحق شاشات تلفاز OLED هذه التكاليف الضخمة". تستخدم شاشات OLED ما تُسمى بالصمامات العضوية الثنائية الباعثة للضوء، حيث تشير كلمة عضوية إلى أفلام الكربون الموجودة داخل لوحة العرض قبل الشاشة الزجاجية. هذا النوع من الصمامات تصدر أضواء خاصة بها عند مرور التيار الكهربائي إليها.
على عكسها تأتي شاشات LED بالاعتماد على مصدر إضاءة منفصل مثل نقاط الإضاءة المسببة في عملية السطوع. هذا النوع من الإضاءات هو ما تسبب في تمييز شاشات LED عن شاشات LCD، حيث تعتمد شاشات LCD على ما يسمى بضوء الفلورسنت الكاثود البارد CCFL الموجود عبر الجزء الخلفي للشاشة بالكامل، هذا يعني سواء كانت الصورة التي يتم عرضها عبارة عن محتوى لوني أسود أو أبيض إلا أن معدل السطوع سيشمل جميع مساحة الشاشة الخلفية، وبالنتيجة عدم وجود درجة تباين دقيقة بين تفاصيل الصور وألوانها.
لكن فيما بعد تمكن مهندسي شركة سامسونج Samsung وسوني Sony من ابتكار نقاط إضاءة LED وهي عبارة عن نقاط ضوئية بحجم مصابيح الإنارة الصغيرة، والتي يتم توزيعها بنسب متباعدة عن بعضها البعض خلف لوحة عرض الشاشة، وهذا الأمر أتاح إمكانية إغلاق بعض نقاط الإضاءة عندما يكون محتوى العرض على الشاشة باللون الأسود، وبالتالي سيظهر اللون الأسود أكثر كثافة ويتسبب في صناعة نسبة أعلى من درجة التباين بين الظلام والإضاءة. ولكن بسبب أسلوب توزيع نقاط إضاءة LED على الحواف الخلفية لشاشة العرض وعدم وجودها أمام البكسلات اللونية ذاتها فنتج عنه مشكلة أخرى وهي ما تسمى بالتوهج، بالتأكيد أغلبنا يدرك مشكلة التوهج الذي يتم ملاحظته على بعض جوانب الشاشة أثناء عرض المحتوى اللوني الأسود والصور المظلمة.
هنا بالتحديد يأتي دور تقنية OLED، حيث يكون كل بكسل من شاشة العرض لدية نقطة إضاءة لونية خاصة به بمفرده، وبالتالي عند عرض محتوى الصور يستطيع هذا البكسل أن يغلق ضوئه بالكامل لتظهر الصور المُظلمة بلون أسود حقيقي، وبهذا الشكل تكون البكسلات في غنى عن أي إضاءات ثانوية تتولى عملية سطوع الألوان، وبالنتيجة تكون الصور ذات نسب تباين فائقة الدقة والوضوح بين تفاصيل درجات اللون الأسود والألوان الأخرى.
ما هي المميزات الحقيقية في شاشات تلفاز OLED
لون أسود حالك الظلام وصور ذات ألوان نابضة بالحياة. ولذلك تستخدم الشركات الرائدة مثل LG و Philips مصطلح "Infinite Contrast" ويعني "التباين اللانهائي" لوصف كيفية إيقاف وحدات البكسل ذاتية الإضاءة بشكل كامل عند محاولة الشاشة في إعداد وعرض اللون الأسود، وهو الأمر الذي يتيح للصور أن تظهر بلون أسود حقيقي وليس مجرد ألوان نسبية مبنية على نسبة تباين مستوى الظلام مقارنة بأقوى سطوع للبكسل في لوحة العرض. في الواقع تقنية OLED تتجاوز حدود نسب التباين ولا تقتصر على عرض لون أسود حقيقي فحسب، حيث تستطيع تلافز OLED أن تعمل بمعدل تحديث عالي وزمن استجابة فائق السرعة يصل أحياناً إلى 0.001، وهذه السرعة تمنحها سلاسة وزمن استجابة أسرع 1000 مرة عند مقارنتها بشاشات LCD LED التقليدية.
هذه السمات تمنح اللاعبين وعشاق السينما المنزلية تجربة استثنائية مليئة بالمتعة والإثارة. هذا ليس كل شيء، فبفضل اعتماد الشاشة على صمامات البكسلات اللونية بدلاً من نقاط الإضاءة المتفرقة خلف لوحة عرض الشاشة أدى هذا إلى تقليل معدل استهلاك الطاقة بشكل واضح، بالإضافة إلى ذلك ساعد هذا على وجود شاشات تلفاز نحيفة جداً وذات إطارات ضئيلة بعمق لا يتعدى الملليمترات وبوزن خفيف أيضاً، فبدأت تظهر شاشات OLED بهيئة أنيقة وجذابة المظهر مقارنة بشاشات التلفاز التقليدية.
ما هي العلامات التجارية الأكثر شهرة
منذ عام 2012 وبدأت شاشات OLED تطلق من مصانع رائدة مثل LG و Samsung، ولكن بسبب التكاليف المالية المرتفعة التي تتحملها الشركات وعناء مراحل تصنيعها فقد تخلت شركة Samsung عنها وأعلنت وقف إنتاجها، ثم لحقت بها شركات أخرى كبيرة ومن بينهم Hisense، وتبدو نواياهم بكل وضوح في عدم استئناف صناعة هذا النوع من التلفزيونات خلال وقت قريب. وبسبب رحيل معظم شركات التصنيع عن هذا السوق استطاعت LG وحدها أن تستحوذ على الحصة السوقية الأكبر خلال السنوات الماضية، وقد أطلقت حديثاً سلسلة جديدة من تلفزيونات OLED بطرازات تحمل أسماء CX و GX لتحل محل السلسلة الأولى E9 وبالتأكيد رأينا إطلاقها للتلفاز العملاق Signature 8K خلال عام 2018 جنباً إلى جنب مع بعض الطرازات الأخرى.
لحسن الحظ تنافس على الربح من هذا السوق بعض الشركات العملاقة الأخرى مثل Sony و Panasonic و Philips وجميعهم يقوموا بطرح طرازات جديدة كل عام تقريباً وأسعارها تكون أحياناً متواضعة تناسب فئة كبيرة من أصحاب الميزانيات المفتوحة. وجب التنويه على أن هناك توقعات تشير إلى إطلاق عدة طرازات جديدة من بعض الشركات خلال الربع الأخير من عام 2020 والربع الأول من عام 2021، ومن المتوقع أن تحظى هذه السلاسل الجديدة بمميزات ومواصفات تقنية فريدة يتطلع الجميع لرؤيتها، لذلك إذا كنت تفكر في امتلاك واحدة من هذه الشاشات فربما من الأفضل الانتظار لفترة زمنية أطول حتى نرى ما سنحصل عليه. على الرغم من ذلك فقد شهدنا على هبوط واضح في أسعار تلفزيونات OLED خلال الآونة الماضية بفضل وجود عدة طرازات جديدة منها لكل من LG و Philips، ولكن هذا الهبوط السعري لم يصل لدرجة وصفه بكلمة ميسور التكلفة.
هل مشكلة حرق الشاشة تستحق الاهتمام
مشكلة Burn-in أو حرق الشاشة من المشاكل الشائعة التي تواجهها تحديداً لوحات عرض OLED، تحدث هذه المشكلة نتيجة عرض نفس الصورة مراراً وتكراراً بمعدلات سطوع عالية، وتحدث أيضاً أثناء عرض نفس التسلسل من محتوى الصور وملفات الفيديو بصورة مستمرة على شاشة التلفاز وأبسط مثال على ذلك شعارات القنوات التي تكون ثابتة طول الوقت دون تغيير محتواها، هذا هو ما يتسبب في التطبيع أو ترك علامات من الصور السابقة لتستمر في الظهور لفترة زمنية أطول حتى بعد تغيير الصورة أو المحتوى الذي يتم عرضه. العديد من شاشات الهواتف الرائدة لشركات مثل Samsung و Google و Apple تتعرض لهذه المشكلة وتوصي بعدم تكرار عرض المحتوى بمعدلات سطوع عالية.
بعض الشركات مثل LG تحاول مواجهة هذا المشكلة من خلال تقنيات توفير الطاقة Screen Saver للحد من معدل السطوع العالي الذي يتسبب في ترك علامة واضحة عند تغيير المحتوى، أيضاً تقنية تحريك الشاشة التلقائي ScreenShift التي تعمل على تحريك عرض المحتوى بصورة تدريجية ودون ملاحظته وعلى فترات منتظمة للمحافظة على جودة الصور من التطبيع بالعلامات الدائمة.